حينما انقرض جيل الشيوخ، وولى الاستعمار الفرنسي، خلف كل واحد منهما وارثا أخذ على نفسه خدمة مشروع سلفه الحضاري ونشر رسالته الثقافية إذ ترك الشيوخ بعدهم طبقة من طلاب العلم الشرعي وحملة الثقافة الإسلامية العربية، كما ربى المستعمرون من أبناء البلد ربائب لهم عهد إليهم حكم السنغال وتوجيه الحياة السياسية فيه من بعدهم، ولذلك لم يزل الصراع الحضاري التاريخي بين دعاة الإسلام وبين دعاة التغريب مستمرا إلى الآن.
بفضل من الله وتوفيق، تضافرت عدة عوامل في إخراج أمة من الناس يختلفون عن أسلافهم في كثير من التصورات والأعمال، ومن تلك العوامل ما سأذكرها:
الابتعاث إلى الدول العربية.
نظرا لعدم وجود مدارس ثانوية أو جامعات لتعليم اللغة العربية، كان التلاميذ والطلبة مضطرين للسفر إلى البلاد العربية، رغبة منهم في متابعة دراساتهم للحصول على شهادات عالية، في كل المجالات الدينية والأدبية..
الزيارات الدعوية.
زار السنغال عدد كبير من العلماء والدعاة المعاصرين، وتركت تلك الزيارات بصمات واضحة على مسيرة الدعوة الإسلامية المعاصرة، فمن الزوار من كان يركز في أحاديثه على بيان العقيدة الصحيحة ويحذر من نواقضها الاعتقادية والقولية والعملية، ويفصل في ذلك إلى حد لم يكن الدعاة ليجرؤوا على تجاوزه،
ومنهم يحرص على تبصير الناس بالمنهج الوسط في التعامل مع المذاهب الفقهية بطريقة علمية حكيمة، ويرد على كثير من الشبهات التي كانت تعارض بها نداءات الدعاة المحليين، وكما أن من الزوار من يوجه حديثه إلى النخبة المثقفة بالثقافة الغربية ويناقش أفكارهم وتصوراتهم الخاطئة عن الإسلام.