المثل الأعلى في الحياء.. إنه محمد صلى الله عليه وسلم
2 مشترك
كاتب الموضوع
رسالة
محمود ابوالوفا صديق اسرة عروبتنا
موضوع: المثل الأعلى في الحياء.. إنه محمد صلى الله عليه وسلم 30.11.10 22:41
لأن كلَ واحد منَّا مسَّ قلبَه نفحةٌ من عطر محبة رسول الله. فما أحوجنا جميعا لأن نتعرف عليه، ونتقرب من حضرته، ونتعرض لشمائله الكريمة..
لنشرب معا من هذا البحر الأخلاقي الذي كلما شربنا منه ازددنا ظمئا لأنواره وأسراره وطمعا في محبته صلى الله عليه وسلم..
كان عليه الصلاة والسلام أعظم الناس حياءً، لأنه أعظمهم إيماناً، وثمَّةَ علاقةٌ طردية مترابطة بين الحياء والإيمان، فالحياء والإيمان قُرِنا معاً، فإن زال أحدهما زال الآخر؛ فالذي لا يستحيي لا خيرَ فيه، الذي لا يخجل لا خيرَ فيه، الوقِح لا خيرَ فيه، الذي لا يبالي بسلامة سمعته لا خيرَ فيه، فَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: “الْحَيَاءُ مِنَ الإِيمَانِ وَالإِيمَانُ فِي الْجَنَّةِ، وَالْبَذَاءُ مِنَ الْجَفَاءِ وَالْجَفَاءُ فِي النَّارِ".
إذا كان في المرء حياء ففيه إيمان، وإذا كان فيه إيمان ففيه حياء، إذا أَثبتَّ أحدَهما أثبتَّ الآخر، ويُروى أن النبي عليه الصلاة والسلام استأجر أجيراً في بناء، فاغتسل عُرياناً، فقال له: "خذ أجرتك، لا حاجة لنا بك، فإني أراك لا تستحيي من الله".
ولذلك فهذا موضوع خطير؛ كلمة "حياء" تعني "إيمان"، إنْ لم يكن الحياء عند الرجل فلا إيمان له، وفي الصحيحيْن عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ رَضِي اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: "كَانَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَشَدَّ حَيَاءً مِنَ الْعَذْرَاءِ فِي خِدْرِهَا"، فمن هي العذراء؟ هي البكر المستترة في ناحية بيتها أو خيمتها، تكون في الأعم الأغلب شديدة الحياء، ولقد كان عليه الصلاة والسلام أَشَدَّ حَيَاءً مِنَ الْعَذْرَاءِ فِي خِدْرِهَا.
ماذا نستنبط من هذا الكلام؟ أن الله سبحانه وتعالى فطر الفتاة على الحياء، فأي إنسان بَدَّل فطرة هذه الفتاة من الحياء إلى التبذل، إلى الوقاحة، وإلى الترجُّل.. فقد أفسد طبيعتها، فالذي عنده فتاة فالأصل أنها تستحيي، هكذا فطرها الله عز وجل، فالإنسان إذا أراد لابنته أو لمن يربيها أن "تنطلق"، كما يقول أهل الدنيا، أن تكون جريئةً.. فهذا يخرجها عن فطرتها التي أرادها الله.
المؤمن يستحيي، يخجل، وفي رواية البخاري في وصف النبي صلى الله عليه وسلم... "وَإِذَا كَرِهَ شَيْئًا عُرِفَ فِي وَجْهِهِ"، فمن شدة حيائه فهو يستحيي أن يواجه الناس بأخطائهم، فإذا تجاوز إنسان حدَّه معه، وإذا فعل إنسان نقيصةً أمامه -وهو يستحيي أن يواجه بخطأ الناس- عرفنا ذلك من وجهه.
هذه العين، هذه النعمة العظيمة هل تنظر بها إلى عورات المسلمين؟ هذه الأذن، النعمة الجليلة هل تستمع بها إلى ما يغضب الله عز وجل، إلى غناء، أو نميمة، أو فسق، أو فجور؟
هل تسمح لنفسك بأن تُدخِل إلى معدتك طعاماً حراماً، في الرأس عينان، وأذنان، ولسان، والبطن فيه معدة، والمعدة فيها طعام، فإذا حفظت الرأس وما فيه من حواس من أن تعصي الله عز وجل، وحفظت البطن من أن تدخل عليه مالاً حراماً أو طعاماً حراماً؛ فقد استحييتَ من الله تعالى حقًّا.
"... وَلْتَذْكُرِ الْمَوْتَ وَالْبِلَى...".
فإذا فعلت ذلك فقد استحييت من الله حق الحياء. معنى ذلك أن الحياء يحملك على فعل الخيرات، وفعل الكمال، وفعل الجميل، وأن الحياء يمنعك من فعل السيئات، وفعل القبائح، وفعل المنكرات.
أريد أن أنبه أيها الإخوة إلى أن الحياء شيء، والخجل شيء آخر، الخجل هو أن تستحيي أن تطلب حقك، أن تستحيي أن تُدليَ بالحق، أن تذكِّر بأمر الله، أن تأمر بالمعروف، أن تنهى عن المنكر، تستحيي أن تقول للمخطئ إنك مخطئ، هذا ليس حياءً، فالحياءُ فضيلة، لكن الخجل نقيصة.
الخجل أُدْرِج في علم النفس مع الأمراض النفسية، لكن الحياء أُدرج مع الفضائل. وفي حديث صحيح عَنْ أَبِي السَّوَّارِ الْعَدَوِيِّ، قَالَ: سَمِعْتُ عِمْرَانَ بْنَ حُصَيْنٍ قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "الْحَيَاءُ لا يَأْتِي إِلا بِخَيْرٍ. فَقَالَ بُشَيْرُ بْنُ كَعْبٍ: مَكْتُوبٌ فِي الْحِكْمَةِ إِنَّ مِنَ الْحَيَاءِ وَقَارًا، وَإِنَّ مِنَ الْحَيَاءِ سَكِينَةً. فَقَالَ لَهُ عِمْرَانُ: أُحَدِّثُكَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَتُحَدِّثُنِي عَنْ صَحِيفَتِكَ!".
الحياء وقاية من المعصية أحياناً الحياء يحجبك عن معصية، عن فعل شنيع، عن فعل قبيح، عن إيقاع أذى، وقد بلغ من حياء النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه لم يواجه أحداً بما يكره. هناك إنسان طبيعته وقحة، يرى إنساناً جالسًا بين مجموعة فيقول له: أنت أخطأت، وقلت كذا، لا يراعي كرامته، وإحساسه الرقيق، ومشاعره، بل يَفْضحه بين الناس، أنت ممكن أن تنصحه بين الناس بألطف عبارة، وبأدق إشارة دون قسوة، دون تجريح، دون فضح، لذلك قالوا النصيحة شيء، والفضيحة شيء آخر.
وهذه نصيحة.. إذا أردت أن يتشنج الإنسان، وأن يركب رأسه، وأن يقول لك قولاً غليظًا جارحًا؛ فوَجِّهْ إليه نقداً أمام ملأ من الناس، عندئذٍ لن يكون منطقياً، ولا واقعياً، ولا متفهماً لكلامك، لأنك ربطت بين النصيحة والفضيحة، أما إذا أردت الخير فلا تفضح أحداً على ملأ من الناس، ولكن انفرد به، وانتقِ أجمل عبارةٍ، وأدق إشارةٍ، وكن مخلصاً في إسداء هذه النصيحة حتى يتقبلها أخوك، وفي هذا عمل جليل.
وقد روى أبو داود عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ "أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- رَأَى عَلَى رَجُلٍ صُفْرَةً فَكَرِهَهَا، قَالَ: لَوْ أَمَرْتُمْ هَذَا أَنْ يَغْسِلَ هَذِهِ الصُّفْرَةَ. قَالَ: وَكَانَ لَا يَكَادُ يُوَاجِهُ أَحَدًا فِي وَجْهِهِ بِشَيْءٍ يَكْرَهُهُ".
قد يرتكب الإنسان خطأ فلا تواجهه صراحةً، فكان عليه الصلاة والسلام يقول: "مَا بَالُ أقْوامٍ يَفعَلُونَ كَذا وكَذا"، ويكون واحدٌ هو الذي ارتكب الخطأ، وهو عندما قال "أقوام" ضيّعه.
قال تعالى: {فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ فِي الأَمْرِ فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ}.. وللعلماء عند هذه الآية وقفة رائعة، قالوا: الباء باء السببية، أيْ بسبب رحمة استقرت في قلبك يا محمدُ كُنتَ ليّناً لهم، فلما كنت ليّناً معهم التفّوا حولك، وأقبلوا عليك، وأحبوك، وطبقوا سنتك، وارتقوا إلى الله عن طريقك، ونجوا من عذاب الدنيا وعذاب الآخرة، وسعدوا بك، لأن رحمة استقرت في قلبك أدَّت إلى لينك معهم، ولذلك فمجموعة تصرفات كثيرة وذكية ومُجهِدة، تشدّ إنسانًا إليك، وتصرُّفٌ واحدٌ أحمقُ ينصرف به عنك.
أنواع الحياء لقد ذكر العلماء أن للحياء أنواعاً.. منها: النوع الأول: حياء الكرم وسببه كرم النفس كاستحيائه -صلى الله عليه وسلم- من القوم لمّا أطالوا الجلوس عنده.. ضيفٌ دخلَ بيتكَ، وليس عندك شيء لتضيفه فتستحيي، هذا حياء الكرم، زارك ضيف ولم تكرمه، أو طلب منكَ شيئاً، ولم تلبِّه، أو وسّطك لقضية فخيَّبتَ ظنه فيها.. لذلك فالنبي عليه الصلاة والسلام ما سُئل عن شيء فقال: "لا".. رجل وضع ثقته بك، والله كريم لا تخيب ظنه بك، هذا حياء الكرم.
النوع الثاني: حياء الإجلال وهو حياء سببه المعرفة بعظمة المُستحيا منه، أي أنت طالب والأستاذ حضَر، عندك درس ومذاكرة فخجلت من مقامه، طلاب العلم المخلصون يستحيون ممن تفوَّق عليهم بالعلم، أن يتفلسفوا أمامه، أو يتطاولوا، والإنسان إذا كان عنده هذا الأدب لا يتجاوز حده مع من علَّمه، فهذا حياء الإجلال، والنبي عليه الصلاة والسلام قال: "وَاللَّهِ إِنِّي لَأَعْلَمُكُمْ بِاللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ وَأَتْقَاكُمْ لَهُ قَلْبًا".
فكان أصحابه الكرام أمامه لا يتكلمون إجلالاً لمقامه العلمي، فالإنسان يجب أن يستحيي ممن تفوَّق عليه، هذا حياء الهيبة والإجلال، الإنسان من الأكمل أمام من تفوّق عليه أن يقف بحياء.
النوع الثالث: حياء المحبة وهذا حياء المُحبِّ من محبوبه، فيستحي أن يسيء إليه لأنه يحبه.
النوع الرابع: حياء العبودية وحياء العبودية فيه محبة وخوف، رغباً ورهباً، يرجو ويخاف، يطمع برحمة الله ويخاف عقابه، نرجو رحمتك ونخشى عذابك، هذا حياء العبودية يجب أن يجمع بين الخوف والرجاء، أمّا أن يكون خوفا فقط فمعه يأس، أو رجاءً فقط فمعه تفلُّت، فربُّنا عز وجل قد يؤدِّب فاعلَه، مثلاً يرى المؤمن حين تزداد ثقته بنفسه، وثقته بأن الله يحبه يتساهل قليلاً، إذا تساهل فالله عز وجل يحجبه، ينكمش لكنه يرجع بعد حين أكثر أدبًا، وحتى لا ييأس فقد يفتح الله عليه، أمّا التأديب فإنّ الله سبحانه وتعالى يقلبك من حال إلى حال، إذا كان حالك حال الثقة الزائدة مع التفلت يأتي الحجاب، ولو كان حال اليأس مع القنوط يأتي الفتح، وعلى كلٍ فإن حياء العبودية يجب أن يجمع بين الخوف والرجاء.
النوع الخامس: حياء الحشمة الإنسان أحيانًا يكون في غرفته، والباب مقفل، والنوافذ كذلك، فإذا عمل عملاً لا يليق بمكانه كإنسان فيستحيي من نفسه ويتوقف، إذا نظف الإنسان نفسه تنظيفًا جيدًا فالنظافة احترام للذات، فالإنسان وحده لا يعبأ لأنّه لا أحد يراقبه، لكن ألاَ يستحيي من نفسه؟ ألاَ يستحي من الله الذي يراه؟ فهذا حياء الحشمة، قالوا: هذا الحياء سببه الاحتشام، وتَوَقّي إبداء ما يُطلَب منه الإخفاء، كلما كان أكثر حشمة فأنواع الحياء، الحياء من النفس، حياء العبودية، حياء المحبة، حياء الإجلال، حياء الكرم.
فاستحْيِ أخي المسلم من الله حق الحياء، أجل، حق الحياء: "حَقّ الْحَيَاءِ أَنْ تَحْفَظَ الرَّأْسَ وَمَا وَعَى، وَالْبَطْنَ وَمَا حَوَى، وَلْتَذْكُرِ الْمَوْتَ وَالْبِلَى، وَمَنْ أَرَادَ الآخِرَةَ تَرَكَ زِينَةَ الدُّنْيَا، فَمَنْ فَعَلَ ذَلِكَ فَقَدِ اسْتَحْيَا مِنَ اللَّهِ حَقَّ الْحَيَاءِ". إذًا الرأس وما حوى؛ العين والأذن واللسان. والبطن وما حوى؛ ألاّ نأكل طعاماً حراماً..
نسمه حب ادارة عروبتنا
موضوع: رد: المثل الأعلى في الحياء.. إنه محمد صلى الله عليه وسلم 01.12.10 12:58
الحياء خلق حميد يبعث على ترك القبيح ، ويمنع من التقصير في حق ذي الحق الحياءهو خلق الاسلام نابع من الايمان وكلما ازداد منه صاحبه ازداد إيمانه موضوع كما اعتدنا منك اخي محمود روعة بالفعل جوزيت به خيرا تحياتي
محمود ابوالوفا صديق اسرة عروبتنا
موضوع: رد: المثل الأعلى في الحياء.. إنه محمد صلى الله عليه وسلم 01.12.10 20:10