عرض الدكتور عصام شرف، رئيس مجلس الوزراء، على أهالى قنا استضافته، وذلك
عبر صفحته على "التويتر"، حيث قال نصا "أتمنى أن يقبلنى أهلى فى قنا ضيفا
عليهم لنتحاور ونصل لحل يرضيهم".
الرجل تحدث عبر التويتر وهى آلية بعيدة تمامًا عن اهتمامات أهالى قنا، فى
الوقت الذى لعبت فيه بقوة فى إزاحة النظام المباركى، عندما أحسن استغلالها
ثوار 25 يناير، ومن ثم فإن "شرف" تحدث من عليائه وعبر آلية ثوار 25 يناير
وعاصمتهم ميدان التحرير.
"شرف" الرجل الهادئ والذى يتناول وجبة إفطاره فى مطاعم الفول والطعمية بين
الغلابة والفقراء عزا عليه أن يتنازل من عليائه، ليتحدث مع أهالى قنا
القاطنين فى المزارع والعاملين فى المصانع، وجها لوجه، وليس عبر نافذته على
التويتر، فغالبية الشعب القنائى الذى يقترب عدده من 4 ملايين نسمة، ليس له
علاقة بالتويتر، وأن علاقته بالفأس، ليزرع أرضه، وينتج ثلثى السكر
للمصريين، ويتجرع مرارة ألم التجاهل طوال 30 عامًا، فإنهم يستحقون أن يذهب
إليهم "شرف" ورجاله، وليس التحدث إليهم عبر التويتر.
وفى ظل تدهور العلاقة بين لحظة وأخرى بين القنائيين وحكومة شرف، ظهر
المزايدون ليطلقواً ألسنتهم تهجما على أهالى قنا، ويحاول أنصاف الثائرين،
والمناضلون المزيفون، أن يهيلوا التراب على رءوس أبناء عائلات وقبائل قنا،
واتهموهم بأنهم لم يخرجوا فى مظاهرات يناير، وأنهم الآن يحاولون تشويه
الثورة، ونسوا هؤلاء لفقر فى المعلومات، أن كل حركات التحرر عبر عصور مصر
المختلفة انطلقت من قنا، بداية من الأسرة 11 ونهاية بشيخ العرب همام بن
يوسف، الذى أسس أول جمهورية بمفهومها الشامل، فى العالم، ودفع حياته ثمنا
لنضاله وتحرير بلاده من يد المماليك الذين عاثوا فى الأرض فسادًا.
جمهورية شيخ العرب همام استمرت 4 سنوات كاملة، منذ 1765 وحتى 1769، وكتب
عنها المؤرخ العظيم "الجبرتى" فى كتابه يوميات، ورفاعة رافع الطهطاوى،
والدكتور لويس عوض، بجانب عشرات رسائل الدكتوراه التى ناقشت هذه الفترة
الهامة من تاريخ مصر، والتى احتفظت بوقائع جمهورية همام وكفاح المصريين ضد
ظلم المماليك، وذكر الطهطاوى فى كتابه " تخليص الإبريز فى تلخيص باريز" أن
جمهورية همام شيخ العرب وعاصمتها فرشوط بقنا سبقت الجمهورية الفرنسية،
وأرست أول جمهورية ديمقراطية عرفها التاريخ.
ووسط هذا النضال العظيم الذى أسسه "أحمس" قاهر الهكسوس من طيبة_ الأقصر
حاليا_ والتى كانت تابعة لمحافظة قنا، إنما يدحض مزاعم أنصاف الثائرين
وأصحاب النضال المزيف، ويؤكد أن أبنا ء قنا ثوار منذ فجر التاريخ، وأن
ثوراتهم غيرت وجه مصر مرات كثيرة، وأن نضالهم مسخر ضد صدور العدو المستعمر،
وليس ضد أبناء وطنهم، وأن المظاهرات التى خرجت فى قنا حاليا، إنما تعبير
عن سخطهم وغضبهم من تعيين محافظ يرون أنه امتداد حقيقى للنظام الأمنى
السابق، والذى كان مشاركا بقوة فى قتل ثوار يناير.
المثير أن هناك هجمة على مظاهرات القنائيين، ومحاولة سلب حقوقهم برفض تعيين
محافظ ينتمى لأسوأ مدرسة أمنية عرفتها مصر وهى مدرسة حبيب العادلى وذراعه
اليمنى حسن عبدالرحمن، فى الوقت الذى خرجت فيه المليونيات إلى ميدان
التحرير مطالبة بإقالة "شفيق" وحكومته، وإقالة المحافظين، ورؤساء الجامعات
وحل المجالس المحلية، كل ذلك، ويستكثرون على 4 ملايين قبطى ومسلم، ممارسة
حقهم الطبيعى فى رفض تعيين محافظ من فلول النظام السابق.
قنا مصنع إنتاج الشهامة والرجولة والكرم، سطر أبناؤها تاريخا لمصر بدمائهم
ضد المستعمرين والغاصبين، واشتاط"أحمس" غضبا، عندما تلقى شقيقه الأكبر
رسالة من ملك الهكسوس الذى كان يحكم مصر من عاصمته "أواريس" بالدلتا، يقول
فيها "أخرس أفراس النهر فإنها تزعج الملك فى أواريس"، فجّيش جيشا قويا
وطارد الهكسوس حتى سيناء، مثل هؤلاء يستحقون أن يجلس "شرف" معهم، ويناقشهم،
ويكسب ودهم بسهولة، لو دغدغ مشاعر زعماء العائلات والقبائل، عندما يجلس
معهم فى جلسة عرفية، إلا أن علياء "شرف" ورجاله دفعه إلى مخاطبة القنائيين
عبر التويتر، عارضاً عرضاً باهتاً، وترك للجماعة الإسلامية أن تبادر بتقديم
مبادرة حل الأزمة، وأسأله بدورى هل من بيدهم القرار الحقيقى فى قنا من
زعماء العائلات والقبائل لديهم صفحات على التويتر؟ ولا تعليق!!