راعـــــي النجــــوم
كان كما اعتاد ليلا يرعى النجــوم
يتمعن في رسمهـــا خلف الغيـــوم
شارد الفكر تـائه في بحر الهمــوم
و إذا بشــرود فكــره, لا يــــدوم
حيـن سطعـت عينــاه نـور القمــر
توقف عن السيـر و بجمـالهـا انبهر
و تسـاءل عـن مـا قـدم له القــدر
ثـم تـمهـل حتــى أنفــاسه تستقـر
حيـن ارتـوى من جـمالـها و نـال
تقـدم نـحـوهـا و بــادر بالســؤال
مــا اسـمك يــا فـائقــة الجمـــال
عند سـمـاعه تبــاطــأت فــي دلال
ثم غـادرت دون أن تبالـي بمــا قال
اشتــد غضبـه مـن صنيعهــا
كما لـم يتصور هكذا رحيلها
وتوقــع توقوفهــا عن سيرها
و سوف تـمكنــه من جدالهــا
لكنهـا بتبـاطئهـا أطمعتـه
و حيـن غــادرت أخذلتــه
لـم تعلم ما بجوارحه فعلته
فبـرمـش عينهــــا طـعنتــه
و بكبـريــائهـــا قـد قتلتـه
صار الراعي في ذلك الحين
منطـوي علـى نفسـه حـزيـن
و لـم يعـد يرعـى النجـوم
فصارت عيناه تملؤها غيوم
و خرجـت فـي الليلة التالية
تتراقص بأجـمل ثوب متباهية
مسرعة خطاها لعلها له لاقيـه
فلم تجده بالمكان التي له عاهده
كانت تغني و ترقص حين خرجت
و خاب أملها حين لم تجده فتأسفت
و أول من مـر جنبهـا عنه سألت
لعلها بسرعة خطاها الموعد سبقت
لكنها لسـماع أخباره ندمـت
على عدم جوابها له و تأسفت
وطلبت من مخاطبها و ترجت
أن يدلـها عن مكانه, فأعلمـت
ذهبت إليه راكعـة بيـن يديـه
تقبل جبينه بـاكيه و تستجديه
لعله يصـحو و يفتح لـها عينيه
و إذا به جثة هامدة لا حياة فيه
فباتت تقبل الرثاء والعزاء فيه