..تجربة في الحب..
ولدت في أسرة ثرية،كان أبواي ومنذ طفولتي يسعيان في حمايتي
من الانحراف والظلال.بعد أن أنهيت دراستي في الثانوية،رحت اُعد نفسي لامتحانات القبول في الجامعة
ولم أفكر الحياة في طوال تلك المدة في الخروج على التقاليد ولأخلاق،وهذا نابع باالطبع بثقة أبويّ فيّ.
كان أبواي يطمحان في أن أتزوج في الوقت الذي أدخل فيه حرم
الجامعة،ولهذا رحت اُفكر بشريك الحياة في المستقبل،وكانت في
ذهني صورة لفارس الأحلام ذاك.
ذات يوم وعندما ذهبت إلى المنتزه القريب من منزلنا رأيت بعض
صديقاتي في زاوية من وهنّ يتحدثن فالتحقت بهنّ،مضت مدة
عندما لاح لي شاب وسيم،كان ظاهره ينمّ عن وقار وأدب،وكان يحمل في يده كتاباً،قفزت في ذهني
فكرة أن هذا الشاب هو الآخر يعد نفسه لامتحان القبول،بعد دقائق ودعت صديقاتي،وفي طريق
عودتي كنت أفكر في ذلك الشاب.
بعد أيام صادفته في المنتزه وكنت حينها وحدي، اقترب مني
وحيّاني قائلاً:
- اُريد أن أتحدث معكِ.
ارتبكت قليلاً ولم أدرِ ماأقول،ولكني وجدت نفسي أقول له
- دعه لوقت آخر.
ثم أسرعت بمغادرة المنتزه..ولكني لاأدري لم فكرت في منتصف الطريق
بالعودة،التفت فوجدته مايزال يلاحقني بنظراته.
في الأيام التالية استغرت في المطالعة بإرادة حديدية،لهذا سعيت ألا اشغل ذهني في موضوع آخر غير الجامعة
وأقنعت والديّ بأن موضوع الجامعة أهم من أي شيء آخر في الوقت الحاضر.
ومضت الشهور تباعاً،وفي الشهر الثاني من فصل الربيع بدأ امتحان
القبول ((كونكور)) وقد شعرت بأنني حرة تماماً بعد انتهائه، وبعد
الامتحان توجهت إلى المنتزه،ورأيت مجموعة صديقاتي، فدردشنا حول أسئلة الامتحان،ثم عدنا
بعدها إلى المنزل..وفي الطريق رأيته،عرفني وعرفته،تحدث إلي وطلب مني ان أصغي إليه،وفهمت أنه
يريد أن يطلب يدي،قلت له:ينبغي أن نتعرف على بعضنا أكثر،فإذا كان هناك انسجام في آرائنا
عندها اُطلع والدي على الموضوع،وهكذا افترقنا.
وبعد ذلك اللقاء أصبح من المعتاد أن ألتقيه يومياً ساعة على الأقل نتحدث خلالها حول
مختلف القضايا وعن المستقبل،
وهكذا مضت الأيام وأخيراً أطلعت والديّ وكانا ينتظران أن يتقدم سعيد لخطوبتي.
ظهرت نتائج الــ((كونكور))وظهر اسمي في حقل الهندسة الكيميائية في إحدى المحافظات
وذهبت لتسجيل اسمي هناك.
وبعدها التقيت سعيداً في نفس المنتزه بعد عودتي إلى طهران وقد ذهلت لمرآه في حلة سوداء ومعه مجموعة
من رفاقه يرتدون ذات الشكل واللون،وظننت للوهلة الاولى أنهم ينوون الذهاب إلى أحد الأنديه الرياضي
،وعندما لمحني سعيد قال لرفاقه:انصرفوا إلى عملكم.
تقدمت نحوه وتبادلنا عبارات عادية،وأخبرته بقبولي في الجامعة،
وقلت له:إنه قد آن الأوان لأن نتحدث بجدية أكثر،ولكنه كان مرتبكاً،وكان يحاول تغيير مسار الحديث
كان تصرفه غير عادي تماماً،وانتابني هواجس وشكوك، وكنت افكر وأنا في طري
ق عودتي إلى المنزل بحقيقة سعيد.
تقرر دخولي حرم الجامعة في النصف الثاني من السنة الدراسية،وكانت هذه فرصة للتحقيق في مسـألة سعيد،ورحت اُراقبه
عن بعد،ورأيته ذات يوم مع مجموعة من رفاقه وهم يتابدلون المخدرات،شعرت لوهلة أنني في حلم..ولكني صحوت
على حقيقة مرّة، حقيقة كادت أن تعصف بحياتي وتدمر مستقبلي، أحسست بعمق فجيعتي لو انني اقترنت
بسعيد وعشت معه تحت سقف واحد ،لقد كان سعيد يعمل في عصابة توزع المخدرات
وكان مقرها في ذلك المنتزه.
فكرت أن أنقذ سعيد من هذه الهاوية التي ينحدر فيها ، التقيته مرة في المنتزه وأخبرته بصراحة أنني قد اكتشفت
حقيقته،وحذرته من التمادي في عمله اللا إنساني هذا،في البدء أنكر، ثم لم يصمد أمام الحقيقه،فاعترف بلا اكتراث
لم يصغ سعيد لنصائحي،بل دعاني بوقاحة إلى قيادة العصابة!
شعرت بجسمي يرتجف غضباً، ونفضت يدي عنه إلى الأبد..
كانت قصتي معه أشبه بذكرى موحشة ومريرة، أستعيدها بين حين وآخر وأنا مشغولة في دراستي.
أجل، فعندما يتم التعارف في الزقاق والشوارع وداخل سيارة التاكسي أومحطة الباص والمنتزة والشبكه العنكبوتيه الانترنت
ويبدأ الحب لأول نظرة، فإن من الطبيعي أن تكون لهكذا تعارف نتائجه المريرة.
إن الحب الحقيقي إنما ينهض على اُسس صلبه من الخلق الرفيع
والسرائر البيضاء الطاهرة..إنني أكتب هذه القصه من أجل أن تكون عبرة لغيري من الفتيات اللاتي ينظرن
إلى الحب بسذاجة،فيقعن ضحية بين أنياب الساقطين.
منقول مما قرأت من كتاب قصص
وحكايات"دنيا الفتيات" لناشر كمال السيد 105 قصة من عالم المرأة