أركان الكتابة
اعلم أن للكتابة أركاناً لابد من إيداعها في كل كتاب بلاغي ذي شأن.
أولها أن يكون مطلع الكتاب عليه جدة ورشاقة فإن الكاتب من أجاد المطلع والمقطع
. أو يكون مبنياً على مقصد الكتاب.
الثاني: أن يكون خروج الكاتب من معنى إلى معنى
برابطة لتكون رقاب المعاني آخذة بعضها ببعض ولا تكون مقتضبة.
الثالث: أن تكون ألفاظ الكتاب غير مخلولقة بكثرة الاستعمال
فالعبارة عن المعاني هي التي تخلب بها العقول.
وعلى هذا فالناس كلهم مشتركون في استخراج المعاني فإنه
لايمنع الجاهل الذي لايعرف علما من العلوم أن يكون ذكيا بالفطرة.
واستخراج المعاني إنما هو بالذكاء لا بتعلم العلم.
كيفية تهذيب الكلام وأوقات تأليفه
تهذيب الكلام عبارة عن ترداد النظر فيه بعد عمله نظماً كان أو نثراً
وتغيير ما يجب تغييره وحذف ما ينبغي حذفه وإصلاح ما يتعين
إصلاحه وتحرير ما يدق من معانيه وإطراح ما يتجافى عن مضاجع الرقة
من غليظ ألفاظه لتشرق شموس التهذيب في سماء بلاغته وترشف الأسماع
على الطرب رقيق سلافته. فإن الكلام إذا كان موصوفاً بالمهذب منعوتاً
بالمنقح علت رتبته وإن كانت معانيه غير مبتكرة. وكل كلام قيل فيه:
لو كان موضع هذه الكلمة غيرها ولو تقدم هذا المتأخر وتأخر هذا المتقدم
. أو لو تمم هذا النقص بكذا ا, تكمل هذا الوصف بكذا.
أو لو حذفت هذه اللفظة أو لو اتضح هذا المقصد
وسهل هذا المطلب لكان الكلام أحسن والمعنى أبين.
كان ذلك الكلام غير منتظم في نوع التهذيب.